واعلم أن الرشوة سحت وكل جسد نبت من السحت أي من الحرام فالنار أولى به.
فكم من حق ضاع وكم من ظلم شاع وكم من باطل ذاع بسبب أخذ الرشوة وأكل مالها الحرام و والله ليسأل صاحب الرشوة عن ماله في قبره قبل وقوفه بين يدي ربه سبحانه الذي لا تخفى عليه خافية ولا يخفى عليه شئيء في الأرض ولا في السماء بل بركة المال الحرام ممقوته ممحوقة وصاحبها يعيش في نكد وهم وضيق وغم خوفاً من افتضاح أمره وانكشاف سره وهتك ستره فانظر كيف حال أهل الرشوة وأكله المال الحرام خوفاً من العباد ونسياناً لرب العباد.
إن الغنى هو غنى النفس وتطهيرها من الحرام وليس الغنى بكثرة العرض من الدنيا.
ولقد تعددت أسماء الرشوة وأصبح الناس يسمونها بغير اسمها فمنهم من يسميها (هدية) أو (إكرامية) أو غير ذلك وكل ذلك مخادعة لله تعالى الذي يعلم السر وأخفى الذي يعلم ما تخفيه الضمائر وتسره السرائر يقول تعالى: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [سورة النساء: 142].
ومن أشد أنواع الرشوة جرماً وغلظة وتحريماً ما كان أخذها يسبب ظلماً للناس والظلم حرام بجميع أنواعه وأشكاله وصوره فالله جل وعلا يقول: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} [سورة الحج: 71].