وفي السنة الثالثة والأربعين من الهجرة أدركت الوفاة عمرو بن العاص بمصر، حيث كان واليا عليها..
وراح يستعرض حياته في لحظات الرحيل فقال:
".. كنت أول أمري كافرا.. وكنت أشد الناس على رسول الله، فلو مت يومئذ لوجبت لي النار..
ثم بايعت رسول الله، فما كان في الناس أحد أحب اليّ منه، ولا أجلّ في عيني منه.. ولو سئلت أن أنعته ما استطعت، لأني لم أكن أقدر أن أملأ عيني منه اجلالا له.. فلو متّ يومئذ لرجوت أن أكون من أهل الجنة..
ثم بليت بعد ذلك بالسلطان، وبأشياء لاأدري أهي لي أم عليّ"..
**
ثم رفع بصره الى السماء في ضراعة، مناجيا ربه الرحيم العظيم قائلا:
" اللهم لا بريء فأعتذر، ولا عزيز فأنتصر،
والا تدركني رحمتك أكن من الهالكين"!!
وظل في ضراعاته، وابتهالاته حتى صعدت الى الله روحه. وكانت آخر كلماته لا اله الا الله..
وتحت ثرى مصر، التي عرّفها عمرو طريق الاسلام، ثوى رفاته..
وفوق أرضها الصلبة، لا يزال مجلسه حيث كان يعلم، ويقضي ويحكم.. قائما عبر القرون تحت سقف مسجده العتيق جامع عمرو، أول ميجد في مصر يذكر فيه اسم الله الواحد الأحد، وأعلنت بين أرجائه ومن فوق منبره كلمات الله، ومبادئ الاسلام