الوقوف بعرفة
وبـعـــد زوال الشـمــس كــان وقوفنــا *** إلــى الـليـل نبكــي والدعــاء أطـلنـــاه
فكــم حـامـــد كـــم ذاكـر ومـسـبــــح *** وكـــم مــذنـب يـشـكــو لمــولاه بلــواه
فكــم خـاضـــع كــم خـاشـع مـتـذلـل *** وكـم سـائـل مـــدت إلــى الله كـفــــاه
وســاوى عــزيــز فـي الوقوف ذليلنـــا *** وكـم ثـوب عز فــي الوقــوف لبسنــــاه
ورب دعـــانــــا نــاظـــر لـخـضـوعـنــــا *** خـبـيـــر عــلـيــم بـالــذي قـــد أردنــــاه
ولــمـا رأى تلك الدمــوع التـي جـرت *** وطــول خشـوع مـع خضـوع خضعنـــــاه
تــجـلـى عـليـنا بالمتــاب وبالرضــى *** وبـاهى بـنـا الأمـلاك حيـــن وقـفنــــــاه
وقال انظروا شعثاً وغبـراً جسـومـهـم *** أجـرنـــا أغـثـنـــا يـــا إلـهـــــا دعــونــــاه
وقــد هـجــــروا أمـوالهــم وديـــارهــم *** وأولادهـم والــكــــــل يـرفـــع شـكــــواه
إلــي فــإنــي ربــهـــم ومـلـيـكــهـــم *** لـمـن يـشـتـكـي المملــوك إلا لمــولاه
ألا فـاشـهـدوا أني غفــرت ذنوبهــــم *** ألا فـانـسخوا مـا كـان عنهـم نسخنــاه
فـقـد بـدأت تلك المسـاوي محاسنـا *** وذلـك وعـــد مـــن لــدنــا وعـــدنــــــــاه
فـيـا صـاحبي من مثلنا فـي مقامنـا *** ومـن ذا الـذي قـد نـال مـا نحـن نـلنــاه
عـلـى عـرفـات قــد وقـفـنـا بمـوقــف *** بـه الــذنـب مغـفــور وفـيــــه محـونــــاه
وقـد أقـبــل البــاري عـليـنــا بوجهــه *** وقـــال ابشــروا فالعفــو فيكـــم نشرنـاه
وعـنـكم ضـمـنــا كـــل تابـعــة جــرت *** عـــلـيـكــــم وأمـــــا حـقـــنــا فوهبـنـاه
أقــلنـاكــم مـن كـل مـا قـد جـنـيـتـم *** وما كــان مــن عــذر لــديـنــا عـذرنــــاه
فيا من أسا يا من عصـى لـو رأيتنــا *** وأوزارنـــــــا تــرمــــى ويـــرحـمـنــــا الله