توزيع النبات الطبيعي في الوطن العربي:
أولاً: الغابات:
تغطي الغابات نحو 10% من مساحات الوطن العربي و يمكن تقسيمها إلى نوعين هما:1- الغابات المدارية أو شبه الاستوائيةو توجد في أقصى جنوب السودان و بعض جهات جنوب موريتانيا و جنوب الصومال وبعض جهات اليمن وعمان ، وهي اقل كثافة من الغابة الاستوائية بسبب وجود فصل الجفاف وهو فصل الشتاء ، و تختلط فيها الأشجار بالحشائش ،و لكن كلما ازداد المطر تكاثفت الأشجار و اختفت الحشائش ، كما تنتشر هذه الغابات على ضفاف المجاري المائية مكونة غابات شديدة الكثافة. 2- غابات البحر المتوسط: يطلق على نباتات البحر المتوسط بأنها النباتات الدائمة الخضرة لأنها تتكيف مع فصل الصيف الجاف و الحار و ذلك بان تكسو سيقانها بطبقة أو قشرة سميكة ، كما هو الحال في اشجار البلوط الفليني أو ت**و أوراقها بطبقة شمعية تحميها من التبخر أو تنكمش أوراقها فيقل حجمها كثيرا ، كما هو الحال في اشجار الزيتون ، أو تكون لها جذورا طويلة تتعمق في باطن الأرض لتجمع ما يلزمها من الغذاء.
و تتواجد غابات البحر المتوسط على سفوح جبال أطلس في المغرب ، أو على سفوح السلاسل المغربية في الشام أو على سفوح مرتفعات شمال العراق حيث تتراوح كمية الأمطار بين (60 _100 سم)
على أننا يمكن أن نميز على الجبال المرتفعة أنواعا من اشجار الغابات الباردة خاصة المخروطية ، فينمو البلوط الدائم الخضرة حتى ارتفاع 1000 م و معه شجر الخروب و بعد ذلك تظهر اشجار البلوط الفليني و الشربين و الصنوبر الحلبي .
و تتواجد أشجار الأرز على ارتفاعات ما بين (1500_2500 م) حيث يغطي الجليد الأرض لفترة من السنة.و بشكل عام فان الارتفاعات العالية و المتوسطة و ما تصاحبه من مناخ بارد تفرض نمطا معينا من النمو في بلاد المغرب العربي في شمال القارة السوداء حيث تنتشر النباتات الالبية على المرتفعات العالية اكثر من (1500 م) فوق سطح البحر حيث يوجد النعناع، وفي المناطق المتوسطة الارتفاع تتكاثف الغابات وتكثر على منحدرات الجبال وتمثل مرتفعات الأطلس منطقة ذات غابات وعلى منحدراتها المواجهة للبحر المتوسط توجد الأشجار والشجيرات الدائمة الخضرة وتنتشر غابات الكافور والبلوط على السواحل.
وكلما انتقلنا نحو الداخل حيث تنمو الأعشاب والحشائش على الهضاب وتتكاثر بشكل كثيف نباتات الحلفا وفي الجنوب حيث قلة المطر وتنمو الشجيرات الشوكية الصحراوية.ثانيا :الحشائش تغطي الحشائش مساحات واسعة من الوطن العربي(20% من مساحته) و يمكن تقسيمها إلى قسمين:
1- إقليم الحشائش الحارة (السافانا) :
يغطي هذا الإقليم مساحات واسعة من جنوب ووسط السودان وجنوب موريتانيا وجنوب الصومال فضلا عن بعض الأطراف الجنوبية من جزيرة العرب ، ونظرا لاختلاف المطر في الكمية وفي الموسم بين أجزاء الإقليم فقد تنوعت بالضرورة الحشائش بحيث يمكن أن نميز الأنواع الآتية :
نبات السافانا وبعض حيواناته
أ. سفانا الحشائش الطويلة والأشجار القصيرة :
وهي توجد في جنوب غرب السودان على أطراف الغابات الاستوائية حيث تتراوح كمية المطر بين 90 و 150سم ويقصر فصل الجفاف إلي (3 ، 4 شهور) ، ويميز هذا النوع بحشائشها الطويلة التي قد تصل إلى 3 أمتار في فصل المطر وتتخلله الأشجار العريضة الأوراق وتختفي الحشائش في فصل الجفاف على حين تبقى الأشجار .ب. سفانا السنط والحشائش الطويلة :
يوجد إلى الشمال من الإقليم السابق حتى عرض 13 الذي تسير معه سكك حديد "سنار ، ينالا " وحشائشه أقل كثافة وارتفاعا من النوع السابق فهي تتراوح بين 1 ،1.5 م لان المطر هنا يقل من الإقليم السابق . فهو يتراوح بين 50 ،100سم ، وتتخلل الحشائش اشجار السنط وهي اشجار إبرية الأوراق وتزدهر الحياة النباتية بصفة عامة في فصل الصيف الممطر حتى أشبه بالبستان "السفانا البستانية " وسرعان ما تجف الحشائش بحلول فصل الجفاف ، وفيه يخلو الإقليم من النبات سوى اشجار السنط، وهي حشائش طويلة تعلو قامة الإنسان وتتخللها الأشجار ، ولهذا يقال لها السفانا البستانية . ويقل طول الأعشاب كما تتباعد الأشجار وتقصر كلما اتجهنا من الجنوب إلى الشمال. جـ. سفانا السنط والحشائش القصيرة :
ويوجد إلى الشمال من الإقليم السابق حيث يتناقص المطر إلى ما يتراوح بين 25 ، 50 سم ويطول فصل الجفاف يتراوح بين (5، 8شهور) .
وتتميز حشائش هذا النوع بأنها اقل كثافة من الإقليمين السابقين ، والنمو في مجموعات تتخللها الأشجار الشوكية ، وهذا الإقليم لا يختلف في شيء عن الإقليم الصحراوي في فصل الجفاف. د. سفانا فقيرة وحشائشها قصيرة :
وتقع إلى الشمال من الإقليم السابق وتدخل ضمن النطاق الصحراوي، ويعد السنط أهم اشجار حشائش السفانا ، واشهر أنواعه سنط الهشاب وسنط الطلح ويؤخذ منها الصمغ العربي الذي اشتهر به السودان والى حد ما موريتانيا والصومال ، وبينما يتركز معظم سنط الهشاب غرب النيل في السودان نجد معظم سنط الطلح يتركز شرقه. 2- اقليم الحشائش المعتدلة :ويغطي هذا النوع مساحة كبيرة من شمال العراق وسوريا وفلسطين والأردن فضلا عن برقة وهضبة الشطوط أو مساحات واسعة من تونس والجزائر والمغرب .
تنمو في هذا الإقليم الحشائش القصيرة كما تنتشر الشجيرات على مسافات متباعدة وتنتشر نباتات الاستبس حيث ينتشر مناخ الاستبس وهذا الإقليم يختلف عن اقليم السفانا في سقوط المطر شتاء ، وبذلك يكون آثره الفعلي اكبر، ولذلك تنمو الحشائش شتاء ، بينما يختفي معظمها صيفا .
وبعض حشائش هذا الإقليم من نوع الحلفا . ولها قيمة اقتصادية كبيرة إذ يصنع منه الحصر والحبال والورق وخاصة أوراق النقد.
ويلاحظ أن الحشائش المعتدلة تختلف من جهة إلى أخرى في غناها حسب كمية الأمطار ونوع التربة فمنها الحشائش الغنية ذات الأشجار المبعثرة والحشائش المتوسطة ذات الأشجار القليلة – والحشائش الفقيرة التي تمكن إلحاقها بالنباتات شبه الصحراوية – كما يختلف نمو الحشائش من عام إلى آخر بسبب اختلاف كمية الأمطار أيضا ، وقد تتوالى سنوات الجفاف مما يؤدي إلى هروب قطيعة الماشية والأغنام والى البدوية المعروفة خلال التاريخ ، وهجومهم على الأرض الزراعية المستقرة المحيطة بهم .
وتوجد في الإقليم المنخفضة التي يتجمع فيها التصريف المائي سواء بسبب الأمطار أو لسوء التصريف النهري وتتمثل هذه النباتات في منطقتين رئيستين في العالم العربي هما : جنوب السودان وجنوب العراق ، فكثر المستنقعات التي تعرف باسم الأهواز في جنوب العراق .
وتتميز المنطقة بانعدام الحياة الشجرية ، وتنمو تجمعات كثيفة من الغاب والبردي وأم الصوف والبوص ، وقد يرتفع الغاب إلى ثمانية أمتار ويؤلف ما شبه الغابة بينهما ، ويتراوح طول البردي بين متر وثلاثة أمتار وكثيرة ما تقوم العواصف باقتلاع النباتات وتجرفها الفيضانات وتلقي بها في حوض النهر .
أما في المناطق المرتفعة فتجف الأرض عقب سقوط المطر ، وتنمو الحشائش التي تستخدم كمراعي جيدة ، وفي العراق تكثر نباتات المستنقعات في الجنوب حيث توجد الأهواز، ومن أهم نباتاتها أيضا الغاب والبردي التي تؤلف أحيانا غابات تمتد لمسافة 5كم طولا ، 3كم عرضا .
ثالثا : نباتات الصحاري :يشمل هذا الإقليم معظم العالم العربي ، وتتميز نباتات هذا الإقليم بأنها تتكيف مع المناخ السائد وهو الجفاف والحرارة المتطرفة ، فتوجد النباتات الشوكية والصبر الذي يخترق الغذاء والعصارة في أوراقه وتتواجد الأشجار من نوع اشجار السنط وهذه تسقط أوراقها أثناء فصل الجفاف ويغطي جذوعها قشرة سميكة ، وجذورها أيضا طويلة لتجمع الغذاء من الطبقات الأكثر عمقا من سطح الأرض
وتنمو أيضا الأعشاب والزهور الحولية التي تحولت عند فصل الحرارة والجفاف .وتنتشر نباتات هذا الإقليم على النحو التالي :
1- تظهر نباتات شبه صحراوية على أطراف الإقليم الصحراوي جنوبا وشمالا حيث تسقط كمية من المطر تزيد على 10سم، ويظهر هذا في بادية الشام ومعظم هضبة اليمن وجبال عمان والنصف الشمالي من شبه جزيرة العرب فضلا عن برقة وهضبة الشطوط، كما تظهر في شمال السودان ما بين خطي عرض (14-18شمالا)، ويتميز هذا الإقليم بانعدام الحياة الشجرية إلا فيما ندر، بينما تصبح الحشائش هي المظهر النباتي السائد في فصل سقوط المطر القليل ، وإذا ظهرت الحشائش فهي من نوع خاص يلائمه الجفاف كشجر السنط وشجر الدوم الذي تصنع من نواة ثمرته الأزرار ، كما يستخرج من الثمرة نوع من يستهلك عالميا ، إلى جانب استخدام جذوعها في البناء وعمل السواقي ، كما تنمو بعض النباتات الحولية مثل البابونج والحنظل ولهما فوائد طبية إلى جانب كونهما غذاء للحيوان .
2-نباتات الصحاري الملحية ، ونباتاتها لا تصلح للرعي ، وتنمو في أماكن متباعدة وتمتاز بخضرتها الزاهية وأوراقها اللحمية الصغيرة الحجم .
3- وتظهر الصحراء الجرداء حيث يقل المطر عن 10سم وقد ينعدم سقوطه خلال سنوات متتالية ، فتنعدم الحياة النباتية كما هي الحال في المناطق الصحراوية في جنوب ليبيا والجزائر ، حيث تظهر الكثبان الرملية في الصحراء الكبرى ، ومع فقره النباتي فإن أنواع النباتات فيه من النوع الحولي ، كما قد تظهر فيه بعض تجمعات من النباتات الخضراء كالصبار التي تخزن الماء في أوراقها .
*********************************************
العوامل المؤثرة في الحياة النباتية:
أولا: العوامل الطبيعية: وهي تشمل المناخ والتربة :
1- المناخ: يؤثر المناخ بحرارته ومطره في اختلاف أنواع النبات ، فغابات أو حشائش جنوب السودان تختلف عن غابات وحشائش المغرب العربي . وكان لارتفاع السطح في بلاد الشام والمغرب وما تبعه من انخفاض في درجات الحرارة أثره في نمو الغابات المخروطية في تلك الجهات التي توجد في اقليم البحر المتوسط مع انها من نباتات المنطقة المعتدلة الباردة .
كذلك أدت وفرة المطر إلى ظهور حياة نباتية وفيرة في جنوب السودان، على حين كانت ندرة الأمطار سببا في فقر الحياة النباتية في الصحاري، وكذلك تؤثر فصلية المطر على دورة نمو النبات، تلك الدورة التي تتركز شتاء في الأطراف الشمالية من الوطن العربي ، وتتركز صيفا في جنوب الوطن العربي . 2- تؤثر التربة بدورها في نوع النبات ، فالتربة الصلصالية الثقيلة لا تسمح إلا بنمو الأشجار الصغيرة على حين أن التربة السوداء الثقيلة تساعد على نمو الأشجار الضخمة ، بينما التربة الملحية والرملية تسمحان بنمو أنواع خاصة من الأشجار والحشائش إذا توفر لها المطر .
ثانيا : العوامل البشرية : وتتمثل فيما يلي :
1- قطع الإنسان الأشجار منذ القدم لاستخداماته المنزلية ولصناعة السفن في كثير من جهات المغرب والشام ، مما أدى إلى اختفاء الحياة الشجرية في كثير من تلك المناطق .
2- حلت الزراعة الحديثة محل النبات الطبيعي في بعض النبات الطبيعي في بعض المناطق كأرض الجزيرة في السودان التي تحولت من منطقة مراع طبيعية إلى اكبر مشروع زراعي القطن في السودان
3- انتشار بعض حيوانات الرعي وخاصة الماعز التي تعمل على القضاء على الحياة الشجرية وهي في مهدها بحيث أصبحت مسؤولة إلى حد كبير عن تعرية التربة كما هو الحال في الشام .
__________________