ومن صور الظلم ظلم العمال والخدم والأجراء وظلم المعلم للطلاب وظلم الرئيس لمرءوسيه والظلم لإحقاق باطل وإبطال حق وإليك تفصيل ذلك:
فمن ظلم العمال أن يؤتى به من بلده بعد تكبده المشاق والمتاعب وكثرة المصاريف ثم تباع له التأشيرة ويترك داخل البلد يجوب الشوارع والأرصفة لإيجاد عمل وقد يجد وقد لا يجد وكل ذلك بطريقة غير نظامية أو يوجد للعامل عملاً على أن يأخذ الكفيل من العامل مبلغاً شهرياً وهذا عين السحت والحرام والعياذ بالله ، وكل جسد نبت من السحت فالنار أولى به كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن صور ظلم العمال المماطلة في إعطائهم مستحقاتهم من رواتب وحوافز وإجازات ولا يخفى على المسلم ما لذلك من ضرر على الكفيل ومكفوله من حيث العداء والتحدي مما قد ينتج عن ذلك الظلم عواقب لا تحمد عقباها.
ومن صور ظلم الخدم والأجراء ما يحصل لكثير منهم من قبل كفلائهم من سوء معاملة وضيق خلق وتعدي بالكلام الفاحش والبذيء ورديء الأخلاق وقد يصل الحمق والغطرسة بالبعض إلى استخدام العنف من ضرب وغيره أو تهديد بإلغاء العقد مع ما تحمله الخادم من مشاق ودفع نقود وبيع أثاث من أجل القدوم إلى هذه البلاد الطيبة المعطاء وإلى أهلها أهل الخير والوفاء راجياً الخير مقبلاً على الإسلام ومبتعداً عن الشر وتاركاً للشرك والبعد عن الآثام، ثم يقابل كل ذلك بوصمة عار يضعها كثير من الناس في جباههم بسوء أخلاقهم وسيئ معاشرتهم وقلة حيائهم وزاد الأمر خطورة وصعوبة باستقدام الخادمات اللاتي حضرن من أجل لقمة العيش والكفاف وإعفاف نفسها عما حرمه الله عليها ثم يأتي أناس لا يمتون للأخلاق والقيم الدينية بصلة وينتهكون أعراضهن وضياع حيائهن وقتل عفتهن، ونحن والله سفراء هذا الدين فإن حصل للدين ثلمة من قبلنا كان عاقبة ذلك عند ربنا خسراً فكونوا معاشر المسلمين خير سفراء لهذا الدين وكونوا أدوات بناء ومفاتيح خير واحذروا أن تكونوا معاول هدم ومفاتيح شر فكل العالم ينظر إليكم بأنكم القدوة الحسنة التي يقتدي بها، والأسوة الطيبة التي يحتذي بها فالله الله بالعلم والعمل وحسن الخلق وطيب المعاملة فديننا هو دين المعاملة وأكثر ما يدخل الناس الجنة حسن الخلق والتقوى.
ومن أنواع الظلم ظلم المعلم لطلابه، وذلك بإعطائه ما لا يستحق أو بخسه ما يستحق فكل ذلك ظلم وعدوان وتعد وطغيان.
ومن أنواع الظلم أيضاً ظلم الرئيس لمرؤوسيه بعدم إعطائهم حقهم من الدرجات أو هضمهم ما هم أهل له من العلاوات أو الإساءة إلى أحدهم في تقرير أو نقل بظلم وسوء تدبير والله هو العلي الكبير.
ومن أنواع الظلم محاباة شخص على آخر من أجل واسطة محرمة فيتم بذلك هضم الحقوق وإيقاع المفاسد بين الناس فيبطل الحق ويحق الباطل وهذا ظلم واضح لا يخفى على إنسان ذو عقل راجح.
فلنتق الله عباد الله وأخص بذلك حجاج بيت الله الحرام ولنكن اخوة متحابين متعاونين على البر والتقوى متناهين عن الإثم والعدوان وعلينا بحسن الخلق وعلينا بالرفق ولين الجانب فكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه» [صححه الألباني].