فالعالم ليس كالجاهل، فالعالم عرف الله حق معرفته، فهو يعبد ربه سبحانه على بصيرة وعلى هدى، يعمل الطاعات ويجتنب الزلات. واعلم أن من خاف الله لا يعصه أبداً، فالعلماء ورثة الأنبياء والأنبياء، لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، فأتقى الناس لله الأنبياء ثم العلماء، ولهذا قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [سورة فاطر: 28].
واعلم أيها الحاج أن طلب العلم فريضة وضرورة على كل مسلم حتى يعبد الله على بصيرة ويحذر الوقوع في الخطيئة، فالعلم من أشرف ما يتقرب به إلى الله تعالى، وكم من الناس قد أهلكوا أنفسهم بطغيانهم وتماديهم في العصيان وعدم إقبالهم على العلم تعلماً وتعليماً. وأشرف العلوم كتاب الله عز وجل، فلابد للمسلم من حفظه كاملاً أو حفظ ما تيسر منه، ومن ثم تعلم ما في كتاب الله من الأوامر والنواهي، ولهذا كانت الخيرية لمن تعلم القران وعلمه، كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» [رواه البخاري ومسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: «فضل العلم خير من فضل العبادة» [صححه الألباني].
وهذا أمر معلوم فمن عبد الله على غير علم فقد يوقع نفسه في كثير من المحاذير بل قد يقع في الشرك، كمن يحلف بغير الله، ومن ينذر لغير الله، ومن ي***ح لغير الله، ومن يتقرب إلى الله عن طريق دعاء الأموات، وغير ذلك كثير، فلابد للمسلم أن يتعلم العلم الشرعي حتى يتقرب إلى ربه بما شرعه له نبيه صلى الله عليه وسلم وبما نقل عنه العلماء.
ولقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم طالب العلم ببشارة عظيمة يسعى لها كل إنسان ويتمناها كل أحد من الناس ألا وهي الجنة فقد قال: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة» [صححه الألباني]، وقال صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» [رواه ابن ماجه وصححه الألباني].